اعتبر عدد من نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، في تدخلاتهم خلال أشغال الجلسة العامة المشتركة، المنعقدة بحضور رئيس الحكومة، كمال المدوري واعضائها، السبت، بقصر باردو، أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 لا يكرّس للعدالة الجبائية بل هو استمرار لسياسات الضغط الجبائي المعتمدة التي اثقلت كاهل المواطن وخاصة الموظف والمؤسسات الاقتصادية.
وأكدوا، خلال الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025، ضرورة القيام باصلاحات كبرى وفق متطلبات الشعب وخلق مبدإ العدالة الجبائية والاستقرار الضريبي.
ووصف البعض ترفيع الحكومات كل سنة في الضرائب ومزيد الضغط على الطبقات المستهلكة “بالزلزال الضريبي” لانها تستهدف اليد العاملة والمؤسسات الخالقة للثروة. ورألا عدد منهم ان هذه الاجراءات هي معادلة غير صحيحة ولا تكرس مبدأ العدالة الجبائية.
وأبرزوا أن مفهوم العدالة الجبائية لا يعني مزيد تفقير الطبقة الوسطى من خلال الترفيع في الضرائب بل هي آلية لتعزيز رفاهية هذه الفئة، مشددين على ضرورة توسيع دائرة القاعدة الضريبية من خلال التشجيع على الاستثمار وخلق القيمة المضافة والتخفيف من الاجراءات الادارية ورقمنة المنظومة الجبائية.
وشددوا على أهمية التسريع في ادماج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد المنظم ومزيد التعريف بالشركات الأهلية ودعمها لتشجيع الشباب على الاقبال عليها لأهمية دورها في خلق الثروة ودفع النمو اضافة الى استغلال كافة الأراضي الفلاحية بنجاعة لضمان الاكتفاء الذاتي وتحقيق السيادة الغذائية.
ولفتوا الى ضرورة ارساء منوال اقتصادي يستجيب للمعايير الدولية والتصدي الى الفساد المتفشي في البلاد وخاصة في المؤسسات العمومية من خلال وضع برامج وآليات واضحة.
وتحدثوا، ايضا، عن ضرورة ان ترتكز الحكومة في اعداد مشروع قانون المالية على فرضيات حقيقية مرتبطة بالواقع المعيشي حتى تتمكن الدولة من التعويل على ذاتها ودفع الاستثمار، لافتين الى ان الحكومة سبق ان حددت نسبة نمو في حدود 1ر2 بالمائة سنة 2024 في حين انها لم تحقق سوى 6ر0 بالمائة خلال السداسي الفارط.
ودعا البعض من المتدخلين الى مراجعة المنظومة السجنية لأن حوالي 90 بالمائة من المساجين حاليا هم من فئة الشباب. وحثوا على توظيف المساجين الشبان في أعمال التنمية وخلق الثروة بالاستعانة بالمؤسسة العسكرية على غرار ما تم في المشروع النموذجي المنجز في رجيم معتوق لتشجير الصحراء أو لاستغلال الاراضي الدولية أو المناجم عوضا عن انفاق قرابة 60 دينار يوميا على السجين الواحد وهدر طاقاتهم.
وطالب البعض الاخر باقرار عفو عام يشمل القضايا السجنية المتعلقة بالشيك لاعادة الدورة الاقتصادية “لان الدولة لا تطبق قوانين الدولة” خاصة انه منذ 2 اوت 2024 وبعد مرور أكثر من 3 أشهر من تنقيح المجلة التجارية الذي صادق عليه مجلس النواب لم يقع تسوية أوضاع المئات من التونسيين معتبرين ان نتائج تنفيذ اجراءات هذا القانون تعد محتشمة.
واكدوا انه لم يقع الى حد الان تطبيق العديد من فصول هذا القانون وخاصة المتعلقة بالزام البنوك بغلق الحسابات وتقليص نسبة الفائدة الموظفة على القروض التي تتجاوز 7 سنوات.
وأوضحوا، أن الاجراءات الادارية لا تزال صعبة وتتجاوز القانون مما أفرغ هذا القانون من محتواه وأضعف ثقة المواطن في نجاعة القوانين، مشيرين الى وجود تعطيلات كبيرة على مستوى المحكمة والقضاة ووكلاء الجمهورية.
ولفتوا الى الاجراءات التي باتت تكبل المواطن في قضايا الشيك دون رصيد، مثل الحجة العادلة واللجوء الى عدول الإشهاد وعدول التنفيذ، خاصة ان كلفتها تبلغ احيانا 1000 دينار وهي كلفة لا تقوى العائلة على تحملها، معربين عن استغرابهم من مواصلة تصنيف جريمة الشيك دون رصيد جزائية في تونس رغم انها مدنيّة في مختلف أنحاء العالم ورغم دعوة الامم المتحدة لرفع هذه العقوبة السجنية.
وحثوا، من جهة أخرى، الحكومة على تطوير خدمات النقل في مختلف الجهات التي تتدهور بشكل مستمر مع تأزم اشكاليات القطاع وتدهوره وتقلص الأسطول وتقادمه.
ودعوا، كذلك، الى توفير العدد الكافي من وسائل النقل لذوي الاعاقة رغم تمتيعهم بامتياز جبائي سنة 2024 لتوريد السيارات الخاصة بهم، مطالبين الحكومة بمراجعة الاوامر الترتيبية للقوانين المتعلقة بهذه الفئة من الأشخاص لحماية حقوقهم.
يذكر أن الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والاقاليم، انطلقت أمس الجمعة
لمناقشة مشروعي قانون المالية والميزان الاقتصادي لسنة 2025.